كتابة /أمنية صلاح عبد الخالق
من قلب مصر، تولد نغمة عذبة من خيوط الحرير والصوف ، تنسج على نول يدوي لتبدع لوحات فنية تُزين الأرض وتُضفي لمسة من الجمال على أي مكان، إنها صناعة السجاد والكليم اليدوي، التي تنسج حكايات من إبداع تعبر عن ثقافة عريقة وتاريخ مشرق، وتجسد روح المصريين الأصيلة
"محمد نجاح راضي"، صاحب مؤسسة النجاح للسجاد اليدوي
"محمد نجاح راضي"، صاحب مؤسسة النجاح للسجاد اليدوي، قال: "تأسست مؤسستنا عام 2010، إيمانًا منا بأهمية صناعة السجاد اليدوي المصري، ورغبةً في الحفاظ على هذا التراث الوطني"، مشيراً إلى أن صناعة السجاد اليدوي تُساهم بشكلٍ كبير في الحفاظ على التراث المصري، وتقنيات الصناعة التقليدية وتصاميم السجاد المصرية"
وأضاف "راضي": "تُنتج مؤسستنا أنواعًا مُتنوّعةً من السجاد اليدوي، بدءًا من الحرير الصافي، مرورًا بمزيج الصوف والحرير، وصولًا إلى الصوف الخالص والقطن، ونصنع أيضًا سجادًا بأحجام وتصاميم مختلفة ، وذلك لتلبية احتياجات مختلف الأذواق ".
وأشار إلى أنّ مصادر المواد الخام الأساسية لصناعة السجاد اليدوي متنوعة، حيث يتم الحصول على الصوف من مزارع الأغنام المصرية، بينما يتم استيراد الحرير من الصين، كما يُستخدم القطن المصري ذو الجودة العالية.
ولفت إلى أن صناعة السجاد اليدوي تُعدّ من أهم الصناعات اليدوية في مصر، حيث تساهم بشكلٍ كبير في دعم الاقتصاد المصري، مبينًا أن مصر تصدر السجاد اليدوي إلى العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
وذكر "راضي" أنّ مؤسسة النجاح تُعدّ نموذجًا يُحتذى به في دعم الصناعة المصرية، حيث تُوظّف عمّالًا مصريين فقط، وتُساهم في دعم المجتمع من خلال توفير فرص عمل للعديد من العائلات في مصر، كما تحرص على استخدام مواد خام مصرية عالية الجودة لدعم الصناعة الوطنية
وأضاف أنّ مؤسسة النجاح تسعى لتعزيز دور الصناعة المصرية في السوق العالمية، من خلال المشاركة في المعارض الدولية وتقديم منتجات عالية الجودة تُنافس السجاد الإيراني، موضحًا أن عمال صناعة السجاد اليدوي يجب أن يتمتعوا بمهارات عالية في الصبر والدقة والتركيز، وأن يكونوا على دراية بأنواع السجاد المختلفة وتصاميمها.
ووجه "راضي" رسالةً للشباب المصري، داعيًا إياهم إلى الاهتمام بالحرف اليدوية المصرية، التي تعد جزءًا من تراثنا وثقافتنا، والحفاظ عليها من الاندثار، مؤكدًا أنّ صناعة السجاد اليدوي ليست مجرد حرفة، بل هي فن وعزف على نول يدوي ، تبدعه أنامل فنانين مهرة، يترجمون أفكارهم وإبداعهم إلى لوحات فنية تزين الأرض وتضفي لمسة من الجمال على أي مكان
كما اعتبر "راضي" أنّ "قلة المواد الخام تُشكل أحد أهم التحديات التي تواجه صناعة السجاد اليدوي في مصر، خاصةً مع ارتفاع أسعار المواد المستوردة مثل الحرير البيور، مشيراً إلى أنه يوجد بعض التحديات الأخرى ، مثل قلة المعارض وصعوبة الحصول على المواد الخام، مُطالبًا الدولة بدعم هذه الصناعة للحفاظ على تراثنا الوطني.
ونوه بأنّ مستقبل صناعة السجاد اليدوي في مصر مُهدّدٌة إن لم تتلق هذه الصناعة الدعم الكافي من الدولة، خاصةً في ظل تناقص عدد العمال يومًا بعد يوم، مقترحًا بعض الأفكار لتطوير صناعة السجاد اليدوي في مصر ، مثل دعم الدولة في صناعة المواد الخام، وتطوير تقنيات الإنتاج، بجانب زراعة شجر التوت لإنتاج الحرير البيور محليًا
التراث المصري
وذكر "محمود عادل ناجي" صاحب مصنع "الإخلاص" للسجاد اليدويّ، أن هذه الصناعة العريقة مصرية، وتعر عن التراث المصري العريق وتجسد إبداعه الأصيل، وتعتمد على استخدام مواد خام مصرية عالية الجودة، بينما تميزها تصاميمها المتنوعة التي تعبر عن الثقافة الغنية.
وتابع "ناجي"، أن مصنع "الإخلاص" يساهم في دعم المجتمع المصري من خلال تنمية مهارات الحرفيين المصريين وتطوير قدراتهم، والمشاركة في البرامج الاجتماعية التي تهدف إلى دعم الحرفيين المصريين وتشجيع الشباب على تعلم هذه الحرفة العريقة.
وأوضح أن المصنع يخطط لتعزيز دور الصناعة المصرية في السوق العالمية من خلال تطوير تقنيات الإنتاج وتحسين جودة المنتجات ، والمشاركة في المعارض الدولية لعرض السجاد اليدوي المصري وتعريف العالم بهذا الفن العريق، بالإضافة إلى التعاون مع الشركات العالمية لتصدير السجاد اليدوي المصري إلى مختلف دول العالمِ.
رمز للإبداع المصري
وبين مصطفي عبد الله، أحد تجار الكليم اليدوي، أن صناعة الكليم صناعة عريقة توارثت من جيل إلى جيل، وتعد من أهم الحرف اليدوية في مصر، حيث نشأت منذ آلاف السنين، وتطورت عبر العصور لتصبح رمزًا للإبداع المصري الأصيل
وأضاف مصطفي أنه تُشير بعض الأدلة إلى أنّ صناعة الكليم فى مصر نشأت في عصر الدولة الفرعونية القديمة، حيث تمّ العثور على قطع من الكليم في بعض المقابر الفرعونية، كما تُعد مصر من أقدم الدول التي عرفت صناعة الكليم، ولها تاريخ غني في هذه الصناعة.
وأوضح أن الكليم يُصنع من الصوف والقطن والحرير، ويُوجد منه أنواعٌ مختلفة، مثل الكليم الصعيدي والكليم البدوي والكليم الفارسى، فالكليم الصعيدي يتميز بألوانه الزاهية وتصاميمه الفريدة، التي تُعبّر عن ثقافة وحضارة الصعيد، أما البدوي فيتميز بتصاميمه البسيطة وألوانه الترابية، التي تُعبّر عن حياة البدو في الصحراء، بجانب الكليم الفارسى الذي يتميز بتصاميمه المعقدة وألوانه الغنية، المعبرة عن الفن الفارسي العريق
وأكد أن صناعة الكليم تتطلب مهارات عالية في الصبر والدقة والتركيز، كما يجب أن يتمتع صانعو الكليم بِحس فني عال، مضيفا أنه يتعلم صانعو الكليم هذه المهارات من خلال التدريب والتجربة، كما يُوجد بعض المدارس والمعاهد التي تُدرس فن صناعة الكليم.
وأوضح أن صناعة الكليم تُساهم بشكلٍ كبير في دعم الاقتصاد المصري، وتوفر فرص عمل للعديد من العائلات، والكليم يصدر إلى العديد من الدول العربية والأجنبية، وتُحقق عائدات مالية كبيرة، وتُوفر فرص عمل للعديد من العائلات في مصر، خاصةً في المناطق الريفية، إلا أنها تواجه بعض التحديات، مثل قلة العمالة الماهرة وارتفاع تكلفة المواد الخام، حيث يزداد عدد كبار السن من صانعي الكليم، بينما يقل عدد الشباب الراغبين في تعلم هذه الصناعة.
كما أشار إلى أن ارتفاع تكلفة المواد الخام تعد من التحديات الأخرى التي تواجه صناعة الكليم، حيث ارتفعت أسعار الصوف والقطن والحرير بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وأردف أن صناعة الكليم فى مصر ، رمز للإبداع المصري الأصيل، وصناعة وطنية تُساهم بشكلٍ كبير في دعم الاقتصاد المحلي، مطالبًا بدعم هذه الصناعة والحفاظ عليها، لتبقى مصر منارةً للإبداع والحرف اليدوية في العالم.