كتابة / بسمة عواد - دنيا أحمد - حبيبة حاتم - سلمى أحمد
تسعى مصر بخطوات حثيثة نحو التحول إلى الصناعة الخضراء الصديقة للبيئة، إيماناً منها بأهمية هذا التوجه في تحقيق التنمية المستدامة وخلق اقتصاد مزدهر، وتعتمد هذه الاستراتيجية على استخدام التكنولوجيات النظيفة والموارد المتجددة، مما يساهم في الحد من الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة للأجيال القادمة.
أهمية الزراعة والتنمية المستدامة
وقالت الدكتورة نهال الشحات، أستاذ الجودة البيئية بكلية الدراسات العليا للعلوم البيئية بجامعة عين شمس، إن مصر تدرك أهمية الزراعة كركيزة أساسية للأمن الغذائي والتنمية المستدامة، وتسعى مصر جاهدة لتطوير قطاعها الزراعي لتحقيق التنافسية على المستوى الدولي.
وأضافت الشحات، أن الصناعات الزراعية الخضراء تعد نهجًا استراتيجياً لتحسين الإنتاجية الزراعية والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، وأدت هذه الجهود إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل مثل القمح والأرز، كما ساهمت في خفض الواردات من السلع الغذائية وزيادة الصادرات الزراعية.
وأوضحت أستاذ الجودة البيئية، أن مشروعات مصر الزراعية الخضراء ساهمت في تحقيق العديد من الأهداف، أبرزها: تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، وتصدير الفائض، وتوفير فرص عمل، وتحسين الكفاءة الاقتصادية والتنافسية.
وأكدت أن تلك المشروعات تمثل أحد أهم ركائز التحول إلى الصناعة الخضراء، وتشمل مشروع استصلاح مليون ونصف المليون فدان، الذي يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية، وتوفير فرص عمل، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة قائمة على الزراعة، ومشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين وتصدير الفائض للخارج.
ولفتت إلى مشروع الصوب الزراعية، لزراعة المحاصيل الخضراء والنباتات الطبية والعطرية والفاكهة في صوب زراعية متطورة، تعظم الاستفادة من وحدة الأرض والمياه، وتعزز من الإنتاج وتساعد على زيادة تصدير المنتجات الزراعية المصرية، ومشروع الزراعة الدقيقة الذي يهدف إلى استخدام أجهزة استشعار وأنظمة تحكم ونماذج رياضية، لتحديد الاحتياجات الزراعية لكل نبات أو حقل بشكل فردي، وبالتالي توفير الطاقة والمياه والأسمدة والمبيدات.
وأشارت إلى مشروع الزراعة العمودية، الذي يستخدم الفضاءات العمودية لزراعة المحاصيل داخل الصوبات أو الحاويات أو المباني، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتقليل الاستخدام الأرضي والنقل والتلوث، ومشروع الزراعة الهيدروكربونية، لزراعة المحاصيل في محاليل مائية مغذية بدلا من التربة، وبالتالي تحسين جودة النباتات وتقليل الأمراض والآفات والمياه والأسمدة، ومشروع الزراعة العضوية، لزراعة المحاصيل بطرق طبيعية وبيئية دون استخدام المواد الكيميائية أو المعدلة وراثياً، وبالتالي حماية الصحة العامة والتنوع الحيوي والتوازن البيئي.
تحديات تعيق الزراعة
وأكدت الدكتورة سهام عبد الرازق، أستاذ الإحصاء بمعهد التخطيط القومي، أن الزراعة تعد من أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، حيث توفر الغذاء، وتسهم في الناتج المحلي الإجمالي، وتشغل نسبة كبيرة من القوى العاملة.
وأوضحت عبد الرازق، أن مشاريع الزراعة في مصر تواجه العديد من التحديات التي تعيق تطورها وتحقيق أهدافها، حيث تعاني مصر من قلة المساحات المخصصة للزراعة، فلا تتجاوز الرقعة الزراعية 4% من مساحة مصر الكلية، ويتبب النمو السكاني والتعديات والتوسع العمراني في تبعثر الأراضي المزروعة، ما يعيق تطبيق الدورة الزراعية ويقلل من الإنتاجية.
وأضافت أستاذ الإحصاء، أن مصر تعد من الدول الفقيرة مائياً، حيث تعاني من نقص حاد في المياه بسبب قلة هطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر، كما يؤدي سوء التوزيع والإدارة والتغيرات المناخية إلى تذبذب المياه في بعض المناطق، مما يعيق الزراعة ويقلل من الإنتاجية، وتعاني مشاريع الزراعة في مصر من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج مثل الأسمدة والتقاوي والمبيدات والعمالة، مما يؤدي إلى انخفاض ربحية المزارعين ويعيق قدرتهم على الاستثمار في تطوير مشاريعهم.
ونوهت بأن تفتت الملكية الزراعية وضعف كفاءة استغلال الأراضي والمياه والطاقة تعتبر من العوائق الرئيسية، حيث تبلغ مساحة الحيازة الزراعية المتوسطة حوالي 0.5 فدان، ما يؤدي إلى ضعف كفاءة استغلال الأراضي والمياه والطاقة، ويعيق تطوير مشاريع الزراعة ويقلل من الإنتاجية.
وأكملت أن ضعف التمويل المالي والتسويق والابتكار والتعاون في القطاع الزراعي يعد من التحديات الكبيرة التي تواجه مشاريع الزراعة في مصر، حيث تعاني هذه المشاريع من نقص التمويل المالي، مما يعيق قدرتها على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتطوير البنية التحتية، كما تعاني من ضعف التسويق والابتكار والتعاون بين مختلف الجهات الفاعلة في القطاع الزراعي.
وأشادت بجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية في إنشاء مشاريع الزراعة الخضراء في مصر، والتي تمكنت من التغلب على العديد من التحديات بنسبة تتجاوز 90%، من خلال توسيع الرقعة الزراعية، وترشيد استخدام المياه، وخفض تكاليف الإنتاج، ودمج الأراضي الزراعية.
وأردفت أن مصر بذلت جهودًا كبيرة للتغلب على التحديات التي تواجه مشاريع الزراعة، ونجحت في تحقيق نتائج إيجابية على مختلف الأصعدة، حيث تمكنت من توسيع الرقعة الزراعية، وترشيد استخدام المياه، وخفض تكاليف الإنتاج، ودمج الأراضي الزراعية، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل مثل القمح والأرز، وخفض الواردات من السلع الغذائية، وزيادة الصادرات الزراعية، وتعتبر هذه الإنجازات خطوات هامة نحو تحقيق الأمن الغذائي في مصر وتعزيز التنمية المستدامة