كتابة -مروان عبد المعبود
شهد قطاع الزراعة في مصر تطورات هامة في الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق باستخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية، التي تعد ضرورية لزيادة الإنتاجية والمحافظة على المحاصيل، إلا أنها في الوقت ذاته قد تسبب أضرارًا بيئية وصحية إذا لم يتم التعامل معها بحذر.
وتمثل الزراعة أحد ركائز الأمن القومي لأي دولة، فضلًا عن الدور الذي تلعبه في الاقتصاد وزيادة الصادرات المصرية، وجذب العملات الأجنبية.
أهمية الأسمدة والمبيدات
يؤكد محمد برعش، فلاح مصري، إن الأسمدة والمبيدات أمر لا غنى عنه للزراعة والإنتاج الزراعي في مصر، فهي ضرورية لضمان النمو الطبيعي للنباتات وحمايتها من الآفات والأمراض، وبدونها لن تنتج الأشجار والمحاصيل، موضحًا أن الأسمدة والمبيدات الضارة هي التي لم تخضع للرقابة الكافية أثناء التصنيع، وبالتالي فهي غير صالحة للاستخدام الزراعي ولا تمر بضوابط الجودة.
ويضيف برعش، أن الفلاح المصري لا توجد جهة رقابية تحميه من الوقوع فريسة للغش التجاري عند شراء الأسمدة، فهو يجهل معنى الأسمدة "الحيوية" أو "العضوية"، ولا يعرف جهة التصنيع والجهة المسؤولة عن ترخيصها ورقابتها.
وفيما يخص دور الإرشاد الزراعي، يذكر برعش، أن هذا الدور يقع على عاتق الدولة، ولكن منذ عام 1984 لم تعين الحكومة مهندسين إرشاديين للتفتيش على الأراضي الزراعية كما كان من قبل، ما يجعل الفلاح عرضة للغش التجاري بسبب جهله وغياب الرقابة.
ويشير إلى ضرورة تكويد كل المنتجات الزراعية من أسمدة ومبيدات تحت إشراف جهات مراقبة الجودة، للقضاء على ظاهرة الغش التجاري في هذه المنتجات.
ارتفاع الأسعار
ويقول محمد علي، مؤسس حزب مصر الخضراء، إن ارتفاع أسعار الأسمدة في الآونة الأخيرة أدى إلى تقليل الإنتاج الزراعي، فإذا كانت الزراعة تحتاج إلى جرعتين من الأسمدة، فإن الفلاح يكتفي بجرعة واحدة فقط لتقليل التكلفة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج.
ويشدد مؤسس حزب مصر الخضراء، أن هذا الارتفاع في أسعار الأسمدة سيؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي ككل، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة الواردات الغذائية، مؤكدًا أن هذا الأمر ليس مقتصرًا على الأسمدة فقط، بل يشمل كافة مستلزمات الزراعة الأخرى، لذا يجب على الدولة مراقبة أسعار الأسمدة والأدوية الزراعية، لضمان وصول المنتجات الزراعية إلى المستهلك دون أي ممارسات احتكارية أو غش تجاري.
الإرشاد الزراعي
ويوضح الدكتور سيد خليفة، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة والري، أن خدمات الإرشاد الزراعي ما زالت موجودة في كافة القطاعات الزراعية، حيث يتم تفديم الإرشاد والاستشارات والتوجيه للمزارعين حول الممارسات الزراعية الصحيحة، بما فيها مواعيد الزراعة، البذور المحسنة، وأنظمة الري المناسبة لكل محصول، ومكافحة الآفات الزراعية واستخدام المبيدات المناسبة.
ويضيف خليفة، أن ذلك يتم سواء من خلال حضور الفلاحين في مقر القطاع الزراعي الملحق أو الانتقال إليهم في الحقول، حيث يقدم مهندسو الإرشاد النصائح المناسبة لهم، وبالرغم من انتشار وسائل الاتصال الحديثة، فإن هناك العديد من المؤسسات التي توجه وتوعي المزارعين.
ويلفت إلى أن من الأسباب التي تيسر على مهندسي الإرشاد الزراعي أداء مهامهم، هو توفير وسائل النقل المناسبة لهم للتنقل في الحقول وتقديم المشورة الفنية بعد المعاينات، كما أن الزيادة في التخصيصات المالية والإدارية للقطاع ستعزز من قدرتهم على أداء المهام بالطريقة المناسبة والسرعة المطلوبة.
ويتابع أن الحصول على محاصيل نظيفة خالية من المواد الكيميائية الضارة أهم من تحقيق أقصى قدر من الإنتاجية، ويجب السعي لتحقيق كلا الهدفين بشكل متوازن دون إلحاق أي ضرر.
ويذكر أن دائرة الزراعة الحكومية يجب أن تقوم أولاً بإجراء حصر دقيق للمساحات الزراعية من خلال معاينة المحاصيل على الأرض، ثم إرسال هذه البيانات إلى بنك التنمية الزراعية، من خلال التنسيق بين الإرشاد الزراعي والبنك الزراعي لتوزيع الأسمدة المدعومة على المزارعين
يبين الدكتور محسن البطران رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي الأسبق، إن البنك أسند إليه توزيع الأسمدة بسبب قدراته البشرية المدربة، ومستودعاته المنتشرة في جميع القرى والمحافظات القادرة على استيعاب كميات كبيرة من الأسمدة والإمدادات، والمعاملات الواسعة والمتنوعة، حيث كرس البنك نفسه لخدمة القطاع الزراعي في مصر.
ونوه بأن البطران أن البنك يتبع تعليمات وزارة الزراعة، لتوزيع وتمويل الإمدادات الزراعية أياً كان نوعها، مشيرًا إلى أنه تأسس في العصر الاشتراكي، لكن بالرغم من التوجه الحالي نحو الاقتصاد الليبرالي، ما زال صغار المزارعين محميين من خلال تلقي الدعم، وهو دور البنك الزراعي.
أهمية البحث العلمي و مجالات ابحاثه
يقول الدكتور الهامي الأسيوطي، خبير أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية، إن البحث العلمي مهم لجميع القطاعات، وتنعكس أهميته في الزراعة من خلال البحث وتطوير أصناف البذور المحسنة التي تزيد من الغلة، والعمل على تطوير أدوية فعالة لمكافحة الحشائش والآفات، وتطوير نماذج الري الحديثة لتقليل فقدان المياه وتحسين التربة الزراعية.
ويكمل الأسيوطي، أن البحث العلمي في المجال الزراعي يفحص جميع المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج الأسمدة والمبيدات، ليتم حظر وتجريم المواد التي يثبت ضررها على صحة الإنسان أو التربة أو البيئة من قبل الجهات الرقابية المختصة، ويتم متابعة استخدام هذه المركبات من قبل المصانع والمستوردين لجميع الأسمدة والمبيدات لتحديد المسموح به وما يمكن عمله.
ويشير إلى أن الابحاث العلمية أثبتت أن استخدام الأسمدة والمبيدات الزراعية لا يخلو من ضرر، سواء على الكائنات الحية المستهلكة للمحاصيل أو على التربة والبيئة المحيطة بها، حتى لو كانت منتجة من مركبات مسموحة.
ويردف أنه من المهم التوسع في استخدام الأسمدة الزراعية الطبيعية والمبيدات الحشرية والآفات البيولوجية والأمراض الفطرية والفيروسية لزيادة المحصول، مع تقليل الأسمدة الكيماوية.