قسم الصناعة البيئية ا(لخضراء الرؤية الخضراء)

إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.. مزايا واعدة لمستقبل مستدام

كتابة / بسمة عواد - دنيا أحمد - حبيبة حاتم - سلمى أحمد

يمثل الهيدروجين الأخضر ثورة طاقوية جديدة تلوح في الأفق، واعدة بمستقبل خالٍ من الكربون، وبفضل موقعها الجغرافي المتميز وإمكاناتها الهائلة، تسعى مصر إلى لعب دور محوري في هذه الثورة من خلال طموحها أن تصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.

ووضعت الدولة خطة استراتيجية لضخ استثمارات ضخمة تصل إلى 40 مليار دولار في مشروعات الهيدروجين الأخضر، إيماناً بأهمية هذا الوقود النظيف في تحقيق أمن الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة، حيث تهدف إلى دمج الهيدروجين الأخضر في منظومة الطاقة المتكاملة بحلول عام 2035، لدوره في تحفيز قطاعات اقتصادية جديدة وخلق فرص عمل واعدة.

وتعتمد مصر على تقنيات التحليل الكهربائي للماء لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مستخدمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كمصدرين للطاقة المتجددة لضمان عملية إنتاج صديقة للبيئة، وتم تشغيل أول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العين السخنة بطاقة إنتاجية 100 ميجاوات، ليصبح أكبر مشروع من نوعه في العالم، ما يؤكد ريادتها في هذا المجال.

 

خطة وطنية لإنتاجه من النفايات

قال الدكتور ياسر خلف، مستشار بيئي بوزارة البيئة، إنه بدء تشغيل المرحلة الأولى من أول مصنع متكامل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، والذي ينتج 15 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و90 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنوياً، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة الخضراء.

وأشار  خلف، إلى خطط مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات بتكلفة 3 مليارات دولار، في محطة ضخمة بالمدخل الشمالي لقناة السويس، تعالج 4 ملايين طن سنوياً من النفايات العضوية والبلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير، وتنتج 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً.

وأضاف المستشار البيئي، أن الحكومة تقترب  من تنفيذ خطة وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، تشمل إنشاء مشروعات للأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر، وتتضمن الخطة توقيع اتفاقيات نهائية مع شركات عالمية، وإعلان استراتيجية وطنية للهيدروجين، وتشكيل مجلس أعلى للهيدروجين الأخضر، وتحديد الأسواق المستهدفة لتصدير الهيدروجين الأخضر.

 

مشروعات قيد التنفيذ

وتابع أنه في نوفمبر 2022، افتتحت مصر أول مصنع للهيدروجين الأخضر في العين السخنة، بالتعاون مع شركات نرويجية وهولندية وإماراتية، بقدرة إنتاجية تتراوح بين 50 و100 ميجاوات لاستخدامها في إنتاج الأمونيا الخضراء. كما تخطط مصر لإنشاء أول محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات في شرق بورسعيد، بتكلفة 3 مليارات دولار، والتي ستنتج حوالي 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً وتوفر وقوداً نظيفاً للناقلات المارة بقناة السويس.

ولفت إلى أن الحكومة منحت شركة "مصر للهيدروجين الأخضر" الرخصة الذهبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، بمحطة إنتاج بقدرة 100 ميجاوات وبتكلفة 135 مليون دولار، ليصل عدد مصانع الهيدروجين الأخضر المفتتحة أو المخطط لها في مصر إلى ثلاثة مصانع.

 

التوافق مع أهداف التنمية المستدامة

أوضح الدكتور بكر عنتر، الرئيس التنفيذي للمركز الاستشاري العربي للحلول البيئية، أن صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر تمثل فرصة استثنائية لتحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز مكانة مصر على خريطة الطاقة العالمية.

وتابع عنتر، الذي يعمل أيضا استشاري تطبيق نظم الإدارة البيئية المتكاملة ومراجعتها وتقييم الأثر البيئي، أن صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر تتمتع بمجموعة من المزايا الفريدة التي تؤهلها لتكون رائدة بهذا المجال على المستوى الإقليمي والعالمي.

وبينّ عنتر، أن هذه المزايا تشمل التوافق مع أهداف التنمية المستدامة، حيث تساهم صناعة الهيدروجين الأخضر في تحقيق أهداف مصر من خلال الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعزيز استخدام الطاقة النظيفة، وخلق فرص عمل جديدة، كما تستفيد مصر من إمكاناتها الهائلة في مجال الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يوفر مصدراً نظيفاً ورخيصاً للكهرباء اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

ونوه بأن تعزيز القطاعات الصناعية والزراعية والنقلية يعد من مزايا استخدام الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن أن يكون بديلاً للوقود الأحفوري في هذه القطاعات، مما يساهم في خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة، مشيرًا إلى تميز مصر بموقع استراتيجي على البحرين المتوسط والأحمر، ما يسهل تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء للأسواق العالمية، خاصة الأوروبية، التي تشهد طلباً متزايداً على هذه المنتجات.

وأردف أن مصر تمتلك بنية تحتية جيدة من موانئ وشبكات نقل، بالإضافة إلى خبرات فنية وتصميمية متقدمة، مما يساعد في إنشاء مصانع ومحطات وشبكات لإنتاج ونقل وتخزين الهيدروجين الأخضر، وتستفيد من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية وإمكاناتها الصناعية لتطوير هذه الصناعة بالتعاون مع الشركاء الدوليين، مما يعكس رؤية مصر للمستقبل وطموحها للريادة في مجال الطاقة النظيفة المستدامة.

 

مفتاح للتحول إلى اقتصاد أخضر

ذكرت الدكتورة هدى هلال، أستاذ الإدارة البيئية بكلية الدراسات العليا للعلوم البيئية، أن مصر تسعى إلى توسيع إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى الأسواق العالمية، مستفيدة من إمكانياتها الكبيرة في الطاقة الشمسية والرياح. الهيدروجين الأخضر هو مفتاح مصر للتحول إلى اقتصاد أخضر.

وتوقعت هلال، أن يبدأ استخدام الهيدروجين الأخضر بشكل أساسي في مصر خلال السنوات القادمة، حيث تعمل الحكومة على إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتنفيذ مشاريع تجريبية وتعاون دولي في هذا المجال، حيث يمثل فرصة كبيرة لمصر للانضمام إلى الثورة الخضراء العالمية والاستفادة من مواردها الطبيعية والجغرافية والاقتصادية، ويمكن أن يسهم في تحسين حياة المواطنين، من خلال توفير طاقة نظيفة ومستدامة ومنخفضة التكلفة، متوافقة مع أهداف التنمية المستدامة.

وأشارت إلى بعض المكاسب الاقتصادية المتوقعة من هذا المشروع، مثل الحصول على نسبة كبيرة من السوق العالمية للهيدروجين الأخضر، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة تصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى الدول الأوروبية والأفريقية والآسيوية.

وأكدت أهمية توطين صناعة المحلل الكهربائي وصناعة الطاقة المتجددة، وخلق فرص عمل جديدة، والمساهمة في الحد من الانبعاثات الكربونية من القطاعات الصناعية الرائدة في مصر مثل الصلب والخرسانة والأمونيا، كما سيهم الهيدروجين الأخضر في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل التكاليف والاستهلاك في القطاعات الحيوية مثل النقل والزراعة والمياه، وتحقيق الأمن الطاقي والاستقلالية عن الوقود الأحفوري، وتنويع مصادر الطاقة.

واختتمت أن الهيدروجين الأخضر يمثل فرصة كبيرة لمصر للانضمام إلى الثورة الخضراء العالمية، والاستفادة من مواردها الطبيعية والجغرافية والاقتصادية، ومصر تعمل على إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاجه وتنفيذ مشاريع تجريبية وتعاون دولي في هذا المجال، كما يمكنه المساهمة في تحسين حياة المواطنين، من خلال توفير طاقة نظيفة ومستدامة ومنخفضة التكلفة، متوافقة مع أهداف التنمية المستدامة، فهو يدعم التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في مصر، ويحقق الأمن الطاقي والاستقلالية عن الوقود الأحفوري، وتنويع مصادر الطاقة.